من ثمر الحب الالهي تنطق الروح
من نسكيات القديس اسحق السرياني
من ثمر الحب الالهي تنطق
من يتحمّل الظلم بفرح، مع أنه قادر على ردّه، يقبل التعزية من الله لإيمانه به. ومن يصبر على التهمة يصل إلى الكمال ويتعجَّب منه الملائكة القدّيسون، لأنه لا توجد فضيلة أعظم وأصعب منالاً منها.
إذا كنت تؤمن أن الله يعتني بك، فلماذا تشغل نفسك بأمور زمنية وبحاجات الجسد، وإذا كنت لا تؤمن بذلك وبالتالي تنصرف إلى حاجاتك مستغنياً عنه فأنت أشقى الناس. فلماذا تعيش إذن؟ هذا إذا كنت تعيش! ضع على الرب همك وهو يعولك (مز 54 : 23) ولا ترهب أي شيء يأتي عليك (أم 3 : 25)
رجل الله هو من مات عن حاجاته الضرورية لرأفته الكثيرة. من يرحم فقيراً تتلقفه عناية الله ومن يفتقر من أجل الله يجد كنوزاً لا تفرغ.
عندما تمرض قل هنيئاً لمن أهّله الله أن يُمتحن في ما ننال به ميراث الحياة. لأن الله يفتقد الإنسان بالأمراض من أجل صحة النفس.
وإذ نؤمن أن الله جزيل الرحمة، فلماذا يا ترى، لا يسمع لنا ويستجيب طلبتنا عندما نقرع ونتضرّع إليه باستمرار؟ الجواب نأخذه من النبي : «إن يد الرب لا تقصر عن خلاصنا وأذنه لا تثقل عن سماعنا، لكن آثامنا فرقتنا عنه وخطايانا حجبت وجهه عن السماع» (أش 59 : 1 – 2). أما أنت فاذكر الله لكل حين حتى يذكرك عندما تسقط في الشرور.
إن الله صنع لنا عالمين : أحدهما يعلّمنا ويؤدبنا في هذا الزمن والآخر يكون يتيماً أبوياً وميراثاً إلى الأبد.
عندما تداهم الظالم تجربة يفقد ثقته بالله فلا يتضرع إليه ولا يتوقع منه الخلاص، لأنه في أيام الراحة كان بعيداً عنه. سفينة نوح صنعت وقت السلام، لكن أخشابها زرعت قبل مئة سنة.
الذين أماتوا العالم في داخلهم يتحملون التجارب بفرح، أمّا الذين يحيون للعالم فلا يقدرون أن يتحملوا الظلم.
كن محتقراً في عظمتك ولا تكن عظيماً في حقارتك
كن جاهلاً في حكمتك ولا تظهر حكيماً في جهالتك.
إذا كان التواضع يسبب الرفعة للبسيط والجاهل، فكم بالأحرى هو شرف للكبار والعظام؟
أحبب الفقراء كيما تنال الرحمة بهم.
لا تشمئز من نتانة المرضى، وخاصة الفقراء منهم، فإنك تملك جسداً مثلهم.
لا تهزأ بالمعاقين لأننا سنذهب متساوين إلى الجحيم.
أحبب الخطأة وأبغض أعمالهم، ولا تحتقرهم بسبب نقائصهم حتى لا تجرَّب بما هم مجرَّبون به.
لا تُغضب أحداً أو تحسده، لا على إيمانه ولا على أعماله الشريرة، بل تجنب أن تؤنِّب أحداً أو توبِّخه على شيء، لأن لنا ديّاناً في السماء لا يحابي أحداً. أمّا إذا شئت أن ترجعه إلى الحقيقة فاحزن من أجله وقل له، بدموع ومحبة، كلمة واحدة أو اثنتين، ولا تتقد عليه بغضبك كي لا يرى فيك إشارة العداوة، لأن المحبة لا تعرف الغضب أو الغيظ أو التوبيخ المشحون بالهوى.
دليل المحبة والمعرفة هو التواضع الذي يولّده الضمير الصالح بنعمة ربنا يسوع المسيح الذي له المجد والعزة مع الآب والروح القدس وكل أوان وإلى دهر الداهرين، آمين.