تقدم إلى شباب يعترف، اتسم بالطهارة والعفة . زارته أسرة من بلده ليقيموا عنده أسبوعاً بالإسكندرية . قال لي أنه مضطر أن يذهب إلى أماكن معثرة، لكنه لم يتعثر قط و لا جذبته المناظر التي تفسد حياة شباب كثيرين . بعد فترة طويلة جاء يصرخ أن ما قد رآه منذ سنوات صار يتراقص في مخيلته و يفسد عفته وطهارته .
أدركت مدي خطورة التهاون مع الخطية و عدم إدراك ثقلها الحقيقي على النفس . تذكرت القصة التالية :
في كبرياء شديد كان النسر يطير على مسافات بعيدة من سطح البحر . و بعينيه الحاذقتين يلمح سمكة تصعد إلي سطح البحر، في لمح البصر ينزل إلى السطح و يلتقط السمكة منقاره الحاد ليطير و يأكلها .
لمح النسر سمكة و بسرعة فائقة انقض عليها منقاره و بكل قوته طار، لكنه في هذه المرة لم يستطع أن يصمد فالسمكة كبيرة للغاية، و وزنها ثقيل . أدرك أنه غير قادر على حركتها الشديدة و مقاومتها له . و قد غرس منقاره في لحمها . حاول بكل قوته أن يغرس منقاره أكثر فأكثر حتى لا تفلت منه . و أخيراَ إذ شعر بالفشل نزل بها إلى سطح البحر لتصير فى الماء و ينهش جزء من لحمها .
أسرعت السمكة في السباحة و نزلت نحو الأعماق، و لم يكن أمام النسر مفراً إلا أن ينتزع منقاره من لحمها، لكن منقاره كان قد انغرس جداً و لم يكن ممكناً أن ينتزعه . هبطت السمكة إلى أعماق كبيرة فغرق النسر ومات .
"لنطرح كل ثقل والخطية المحيطة بنا بسهولة، ولنحاضر بالصبر في الجهاد الموضوع أمامنا" . ( عب 12: 1 )