ناسك قديس اختار العيش في البراري بعيدًا عن العالم . ويوما ما قادته خُطاه إلى مغارة يستريح فيها قليلا، ويعكف فيها على الصلاة والتأمّل . وإذ به يرى كنزًا مخبوءًا هناك . فما كان منه إلاّ هرول خارج المغارة يصيح : "رأيت الموت .. نعم رأيت بعينيّ الاثنتين .. "
والتقي به صدفة في أثناء هربه لصوص ثلاثة، فلاحظوا خوفه فأشفقوا عليه وعرضوا عليه المساعدة . ولما قال لهم أنه رأى الموت، هدّأوا من روعه وطلبوا منه أن يأخذهم إلى المكان ليروا الموت هم أيضًا . قادهم الناسك إلى المغارة، واقترب من الكنز فأشار إليه مرتعبًا وقال : "هوذا الموت" . تقدّم اللصوص بحذر، وما إن رأوا الكنز حتى جُنّوا من الفرح، فقالوا للناسك : "لقد أصبت أيها الأب القديس، هذا هو الموت بعينه . فاهرب منه سريعا قبل فوات الأوان" .
وبقي ثلاثتهم في المغارة يتبادلون الرأي في كيفية نقل الكنز . طال بهم الأمر في التفكير، فشعروا بالجوع، فأرسلوا أحدهم إلى المدينة ليحضر لهم ما يأكلون، وبعد ذلك يقرّرون كيف ينقلون الكنز .
ذهب اللص إلى المدينة ليحضر الطعام، لكنه فكّر في نفسه : "سآكل أنا في المدينة، وسأحضر الطعام لرفيقيّ . لكني سأدسّ لهما السّم في الأكل، حتى إذا ماتا أخذت الكنز لوحدي" . وهكذا فعل .
أما رفيقاه في المغارة، ففكّرا هما أيضا قائلين : "لمَ لا نتقاسم الكنز نحن الاثنين . فلنقتل رفيقنا حالما يعود ونتقاسم الغنيمة" .
وما هي إلاّ لحظات، حتى وصل الرفيق الثالث من المدينة يحمل الطعام . وما إن دخل حتى تناوله اللصان بضربة قاضية على رأسه، فمات على الفور . ثم جلسا يأكلان ويشربان . لكن سرعان ما أخذ السمّ مفعوله فقضيا نحبهما .. وبقي الكنز مكانه .