"تث 11: 12عين الرب عليها من أول السنة الى آخرها"
المقدمة: -
أراد موسى أن يتلو سفر الشريعة مرّة أخرى على مسامع الشعب فأعطى مقدمة جيدة بيّن فيها أن الرب يدخلهم الأرض التى تفيض لبناً و عسلاً وفى تلك الأرض يختلف الحال عن مصر فى رى الأرض . ففى مصر ترتوى الأرض كما هو معلوم لدينا بنهر النيل ولكن فى فلسطين ترتوى بالأمطار.
الله مراقب الارض ومعتنٍ بها عينه عليها من أول السنة الى آخرها . ومن يجول بنظره فى الكتاب المقدس يتذكر حالاً أمراً مهماً حصل فى أيام آخاب إذ إمتنع المطر ثلاثة سنين وستة أشهر وفى تلك الحادثة ظهرت الخطية ولكن عين الله التى هى أطهر من أن تنظر الى الشر احتجبت عن الأرض. وكأن بموسى انبى يريد أن يقول هذا القول للشعب حينذاك بمعنى أنه يقول : عين الله على الارض فإن أخطأتم فيها تتحول عين الله الساهرة عن الارض ويدرككم الجوع رغم أنها الأرض التى تفيض لبناً وعسلاً ! فيتحول خيرها الى جفاف بسبب الخطية . فاحذر يااسرائيل الله من الخطية اللعينة . فالقول اذاً " عين الرب عليها من أول السنة الى آخرها" قول ملزم لشعب الرب ونوع الالزام من العاطفة الجيدة الروحية الكائنة بين المؤمن وإلههَ لأنه أحبنا أولاً فلنحبه كما أحبنا . إن كانت عين الرب على الارض من أول السنة الى آخرها فنلاحظ ايضاً عيوننا طرقه :-
أولاً : الزاميات تتلتزم بها النفس المتعلقة بالرب كما التزم بها القديسون.
1-حنة بنت فنوئيل . الزمت نفسها بعدم مفارقة الهيكل عابدة بأصوام ليلاً ونهاراً ولما دخلوا بيسوع الى الهيكل وقفت وسبحت الله مع المنتظرين الفداء فى اسرائيل وهنا الزامية التعبد والتلذذ بالرب برغبة قلب وفرحة نفس بدون ملل أو ضجر ولم تمنع ظروف النبية حنّة نسبة لترملها ولحزنها ولكنها اتخذت الرب نصيباً لها ورأت عينه عليها من أول السنة الى آخرها فقالت : نصيبى هو الرب قالت نفسى من أجل ذلك أرجوه . وكل نفس تتعلق بالرب بسبب حسناته تلتزم بدوام التعبد والمحبة.
2-الزامية الخدمة. كقول إشعياء بعد أن رأى مجد الرب فقال : هاأنذا أرسلنى . لأنه سمع الرب يقول : من أرسل ؟ ومن يذهب من أجلنا؟؟ ألزم نفسه بالخدمة لأنه رأى محبة الله فلم يستطع السكوت . وغيره موسى وبولس وكثيرون ألزموا انفسهم بالخدمة ومنهم من الزم نفسه بالتضحية كسيده كبرنابا ابن الوعظ .
وكلما تمعنت فى عين الرب التى على ارضنا من اول السنة الى آخرها تفيض الالتزامات السماوية وما النفس إلا إناء متسع فان وضعت فيه الكثير قبل وان وضعت القليل قبل ونفس المؤمن تأخذ من الرب وهو العاطى بسخاء لدرجة الفيضان فهل تلزم نفسك الى الفيضان . وفى هذه العبارة أرى شخصاً متطوعاً لا ينتظر التشديد او التوبيخ بل بنفسه المملوءة بالتقوى وبالروح تتقدم ولو الى مركبة الخصى وتقول هل تفهم ماأنت تقرا؟ أو تقول لمن حولها أن رجل الله أليشع يحتاج لمكان خاص فتبنى الشونمية من مالها مكاناً لخادم الرب وياليت النفس المؤمنة تلتزم من ذاتها كلما رأت ين الرب عليها من أول السنة الى آخرها.
3-حفظ الوصية بدون هم أو تثقل بل بفرح وبسرور كلى فيقول المؤمن : شهاداتك أثمن من الذهب والإبريز فرحت بها أكثر من كل الغنى .
إن العبارة روحية وليعطنا الهنا بروحه لنلتزم ولا نتأخر . وياحبيبى اسأل نفسك الآن هل يانفسى أنت مقيدة بحفظ الوصية ؟ وهل تحسبى يانفسى وصية الرب لا كالقيد بل تحسبينها كالحرية التى فيها نتنفس نسيماً سماوياً مباركاً وبالوصية ألهج نهاراً وليلاً إمتياز للنفس يفرح به المؤمن ويستريح جداً فى الوصية ولو اعترف بعيبه ولو تكلف فى سبيل ذلك بل يحتسب كل شئ نفاية لكى يربح المسيح.
ثانياً: تتحذر النفس الشاعرة بعين الرب المطلعة لأن عينه على أمناء الارض وأذنيه مفتوحتين لطلباتهم كما أنها ضد فاعلى الشر . فالخوف الموجود من أن عين الرب ترى فينا عيباً وان رأته لاتشفق على الخطية بل يطلع الله من السماء الى كل جمهور اسرائيل ويرى خطية مثل خطية عاخان فلايلتفت الى الشعب بل هناك عينه تنظر الى خطية عاخان ويحكم بكسر جنود اسرائيل امام عاى الصغيرة . عينه ساهرة مطلعة فلتنظر النفس وتحترس وتعرف ان عينيه اطهرا من ان تنظرا الشر.
2-تحترس النفس من ان عين الرب تغضب من الشر ولاتعود تراقب بل تهمل .
وان تركتنا انت يارب ياسيد قمن يقف؟ وقد تكلم الرب مع موسى بهذا الخصوص فقال : لاأسير فى وسطكم فيما بعد ! فليرحمنا برحمته . وماذا يقول الرب علينا وان وجدت خطية فى وسطنا من قبيل البغضة من قبيل عدم التسامح من اى قبيل آخر.. يقول:لاتساكنكم نفسى .فاحترس ايها الاخ وابعد عن الخطية لتعش أميناً للرب الهك
3-وان تمادت النفس فى الخطأ عينه لاتتجاوز بل يراقب ويقاصص . موسى يضع الوصية ويقول : بركة الرب موجودة كما اللعنة . فبركة على نفس كل انسان يرى عين الرب تراقبه ويرى محبة المسيح الظاهرة فى موته على الصليب ويقول احبك يارب ياقوتى . اللعنة موجودة للذى ينظر الخطية ويفضلها على محبة الرب . عينه ساهرة فاسهر على نفسك واعزل كل شر من داخلك واسأله ان يملأك بالتقوى والفضيلة بالروح القدس فتعيش قرير العين بقوة عين الرب التى على امناء الارض ليجلسهم معه.
ثالثاً : نتيجة الالتزامات والاحتراسات :-
1-ليتميز اسرائيل عن الامم التىاراد الرب ان يبيدها وفعلاً قد ابادهم بل قد عبّر الكتاب تعبيراً لاسرائيل فقال : ان لم تتقوا الرب الإله فان الارض تلفظكم كما قد لفظت السكان الاصليين فان شابهتم الامم لاتكون لديكم تقوى ويلحقكم البغض والحقد .
2-ليكن اسرائيل شاهداً للعالم . وكنيسته ترى ان عينه عليها وعلى ارضها وتلتزم بمحبته وخدمته ووصاياه وتحترس من الخطية وألا يأتى التأديب.
خاتمة :صوت محبة الرب ينذر ويحذر فلترى محبته وتتهلل فى كماله وتبتهج بعنايتهه ونبين انفسنا اننا الشعب المخلص له آمين.