| القديس إيلاريون الكبير، أب رهبان فلسطين | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
النهيسى عضو مميز
المساهمات : 412 نقاط : 620 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 08/06/2014
| موضوع: القديس إيلاريون الكبير، أب رهبان فلسطين الإثنين يونيو 09, 2014 12:50 am | |
| نشأته
وُلد هذا القديس حوالي سنة 292 م. بالقرب من غزة من والدين وثنيين ثريين من أغنياء المدينة.
وتقع قرية (طاباتا) التي ولد فيها على بعد خمسة أميال جنوبي غزة في شمال سيناء.
نشأ محاطاً بكل أسباب العناية والترف، وتثقف بالعلوم اليونانية، وإذ كان أبواه يريدان أن يستزيد أبنهما من دراسة علوم ذلك العصر ليمكنه أن يتبوأ مركزاً عظيماً، أرسلاه إلى الإسكندرية ليتقى العلم في مدرستها ويتعمق في دراسة الفلسفة والمنطق.
وعاش هذا الصبي كما يقول جيروم مثل وردة بين الأشواك، قادماً إلى الإسكندرية معقل العلم، كي يتقن فن البلاغة والخطابة والفلسفة، إذ أنها كانت أكثر الأعمال شهرة آنذاك.
إلا أن الله بعنايته الساهرة، كما يقول معلمنا القديس بولس (لأن الذين سبق فعرفهم سبق فعينهم، والذين سبق فعينهم فهؤلاء دعاهم أيضاً) (رو8: 29)، إذ بينما كانت غاية إيلاريون من ذهابه إلى الإسكندرية أن يستزيد من حكمة هذا العالم وينهل من معارفه المتعددة، كانت نعمة الله -قبل إيمانه بالمسيح- تقوده لغاية أسمى من طلب العلوم، وتعده لرسالة أعظم.
لقد سمح الله أن يكون قدومه بهيجاً إلى الإسكندرية في زمان البابا بطرس خاتم الشهداء، وفي عهد القديس أرشيلاوس عميد مدرسة الإسكندرية اللاهوتية، وهناك أظهر إيلاريون، على الرغم من حداثة سنه، مثابرة عظيمة في تلقى العلوم بغير ملحوظة.
تعلم على يد القديس أرشلاوس مبادئ الإيمان المسيحى، إذ كانت المدرسة اللاهوتية السكندرية تدرس الفلسفة المسيحية النابعة من صفحات الكتب المقدسة، باعتبارها أشهر معهد عقلى في العالم المسيحى الأول، ومهد اللاهوت في العالم المسيحى.
| |
|
| |
النهيسى عضو مميز
المساهمات : 412 نقاط : 620 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 08/06/2014
| موضوع: رد: القديس إيلاريون الكبير، أب رهبان فلسطين الإثنين يونيو 09, 2014 12:51 am | |
| إيمانه بالمسيح
كان لإيلاريون بطبيعته ميالاً للهدوء، وزيناً متعقلاً يبحث عن الحق، فلما ذهب لإلى مدينة الأسكندرية العظمى، لم تبهره المدينة بمظاهرها الخلابة وحياتها الصاخبة، فأعرض عن تلك الأباطيل، وأنكب على العلم وراح يجالس العلماء والحكماء ويتناقش معهم وكان معظمهم من المسيحيين.
تأثر الشاب جداً من سلوك وأقوال أولئك المعلمين المؤمنين، فأسترشد بهم وتذوق تعاليمهم وابتدأ يدرس على أيديهم العقائد المسيحية، فمست نعمة المسيح قلبه، وأنار الروح القدس عقله، ودرس الكتاب المقدس وفتح الرب ذهنه ليفهم المكتوب، فوجد أن التعاليم التي يحتويها تفوق بما لا يقاس كل حكمة ومعارف هذا العالم فآمن بالرب يسوع واعتمد على اسم الثالوث القدوس المبارك وبدأ حياة جديدة.
وما إن نال نعمة المعمودية المقدسة، حتى بدأ يصعد درجات سلم الكمال، ويسير في دروب القداسة والتقوى. | |
|
| |
النهيسى عضو مميز
المساهمات : 412 نقاط : 620 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 08/06/2014
| موضوع: رد: القديس إيلاريون الكبير، أب رهبان فلسطين الإثنين يونيو 09, 2014 12:53 am | |
| لقاؤه مع القديس أنطونيوس
ولما كانت سيرة القديس الأنبا انطونيوس الكبير تعم أرجاء المسكونة وقتذاك، وذاع صيت قداسته في كل مصر وخارجها، تاق إيلاريون أن يمضى إليه ويتبارك منه ويسمع تعاليمه، فلما تقابل إيلاريون مع القديس أنطونيوس تأثر جداً ليس فقط من تعاليمه السامية، ولكن أيضاً من طلعته المشرقة بنور المسيح، ومن شيخوخته المباركة والمهيبة، فتحرك قلب إيلاريون بالاشتياق لاقتفاء أثار القديس أنطونيوس وإتباع طريق الرهبنة، وكان آنئذ شاباً في مقتبل العمر.
وهناك استقبله كان تلاميذ أنطونيوس قد بلغوا مستوى عال من الروحانية والقداسة، وقد ملأوا الأقطار البعيدة في ليبيا وفلسطين وسوريا وبلاد العرب وبين النهرين، وصار القديس إيلاريون من أشهر تلاميذ الأنبا أنطونيوس، وقد مكث مقيماً عنده ومتتلمذا له ما يقرب من شهرين، مقتدياً بسيرته وعبادته نسكه، حافظاً في قلبه تعاليم معلمه الثمينة التي كان يستمدها من الإنجيل، واضعاً نصب عينيه حياة أبيه الروحي البار التي كان يؤازرها الروح القدس بقوة فائقة.
ومكث هكذا يتعلم ويلاحظ سيرة العظيم أنطونيوس في محبته وجهاده وأصوامه وفضائله، وكيف لم يكن يسمح لضعفه الجسمانى ولا لطبيعة عمره أن يكسرا قانون جهاده، وصار إيلاريون من أخص تلاميذ القديس أنطونيوس الكبير.
ولكن تزايد عدد الوافدين لنوال بركة العظيم انطونيوس كوكب البرية جعل إيلاريون يخشى أن ينشغل عن قانون جهاده، فعرض الأمر على مرشده مظهراً مقدار ما يعانيه من سجس وحروب بسبب توارد الزائرين وخصوصاً أنه ما زال حديث العهد بالرهبنة.
ولما كان الزائرون للقديس أنطونيوس الكبير عدداً غفيراً، لذا قال إيلاريون في نفسه أن القديس أنطونيوس يحصد ثمار جهاده الطويل في الحياة النسكية، أما أن فلم أتجند بعد، وما زلت في بداية الجهاد... لذا طلب من معلمه العظيم الأنبا أنطونيوس أن يرحل إلى مكان آخر، فوافقه على ذلك وزوده بنصائحه الأبوية الحكيمة واعطاه اسكيماً من الجلد. | |
|
| |
النهيسى عضو مميز
المساهمات : 412 نقاط : 620 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 08/06/2014
| موضوع: رد: القديس إيلاريون الكبير، أب رهبان فلسطين الإثنين يونيو 09, 2014 12:54 am | |
| عودة القديس إيلاريون إلى فلسطين
وعند نزوله من جبل الأنبا أنطونيوس إلى الإسكندرية، علم بخبر وفاة والديه، فعاد إلى وطنه وأخذ إرثهما الوفير، ووزعه على الفقراء، واضعاً نصب عينيه -كما يقول جيروم الذي كتب لنا سيرته بالتفصيل- كلمات المسيح له المجد (كذلك كل واحد منكم لا يترك جميع أمواله لا يقدر ان يكون لى تلميذاً) (لو 14: 33).
وهكذا انطلق إيلاريون إلى مسقط رأسه فلسطين، وهناك مضى إلى برية غزة المقفرة، التي لم تكن فقط مكاناً بلا ماء، وموضعاً غير مسلوك، بل كانت مخبأ لقطاع الطرق واللصوص.
حتى أن كثيرين من محبيه حذروه من المضى إلى هذا القفر ورجوه ألا يذهب، لكنه خرج إليها كجندى للمسيح متسلحاً بالفضائل والقوة الإلهية، وبدأ حياته الرهبانية بجهاد شديد وجدية، فكان يرتدى المسوح على عريه، ومن فوقها ثوباً خشناً، وفوق ذلك كان يلبس الاسكيم الجلد الذي كان القديس أنطونيوس الكبير قد ألبسه إياه، ومع حداثة سنة ونحافة جسمه، أخذ يحتمل بصبر ومثابرة البرد القارس والحر الشديد، ولا ينام ولا يأكل إلا قليلاً مواظباً على السهر المستمر والصلاة الدائمة وعمل اليدين.
وبحسب وصف جيروم المؤرخ لحياة وصفات القديس إيلاريون، نجده وقد عاش في كوخ على شاطئ البحر، على مسافة نحو سبعة أميال من (ماجوما) التي كانت ميناء في غزة على الساحل القريب من مصر، واعتزل في حياة الوحدة، متشبهاً بالقديس أنطونيوس الكبير، مجاهداً حتى الدم ضد الخيالات الشريرة وتجارب العدو.
فكان لباسه كما ذكر جيروم مساحاً واسكيماً، أما طعامه فكان بضعة ثمرات من التين الجاف وكسرة من الخبز يومياً عند غروب الشمس، ثم تدرج مع تقدم العمر، حتى صار حفنة من العدس المنقوع أو قليلاً من البقول غير المطبوخة، وفي شيخوخته، قيل أنه لم يكن يأكل خبزاً البتة، أما مسكنه فكان أولا كوخاً من البوص، ثم بنى بعد ذلك مغارة وصفها جيروم بأنها كانت أقرب إلى القبر منها مسكن لشخص أدمى، فقد كانت في ارتفاعها دون قامته، وفي طولما تزيد قليلاً عن طوله وهو راقد، أما فراشه فكان الأرض والتراب، أو حصيرة من البوص الخشن.
وقسم القديس إيلاريون وقته بين الصلاة والإنجيل وعمل اليدين حسب التسليم الرهبانى القبطى الذي استلمه من القديس الأنبا أنطونيوس. | |
|
| |
النهيسى عضو مميز
المساهمات : 412 نقاط : 620 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 08/06/2014
| موضوع: رد: القديس إيلاريون الكبير، أب رهبان فلسطين الإثنين يونيو 09, 2014 12:55 am | |
| نسكه وصموده أمام حروب الشيطان أثار عدو الخير حرباً ضروساً على القديس إيلاريون، إذ وجده غير متكاسل في الاجتهاد، حاراً في الروح، عابداً الرب بكل قلبه، مواظباً على الصلاة بلا ملل، فكان الشيطان يحاربه بكل أنواع أسلحته وحروبه ليحمله على اليأس من تلك الحياة الشاقة، ولكى تفتر عبادته وتضعف صلواته، فبدأ يهاجمه بالخيالات والتصورات الشريرة، ولكن القديس صمد تجاه تلك الهجمات بعزم القلب مستعيناً بنعمة المسيح وضاعف من أصوامه وصلواته، ولما لم يستطع الشيطان أن ينل من قداسة البار إيلاريون، أخذ يلقى في قلبه الخوف والفزع، فكان يسمعه في الليل أصوات وحوش ضارية تقترب منه لتنقض عليه وتفتك به، أما القديس فكان يتسلح بسلاح الصلاة ويتحصن برشم ذاته بعلامة الصليب المحيى، فيولى العدو هارباً منهزماً وتعود إلى القديس الطمأنينة والسلام.
وكلما ازدادت عليه التجارب الدنسة والشهوات الشريرة والخيالات، كلما ازداد في الأصوام والأسهار، ممتنعاً عن الطعام مخاطباً جسده الذي كان يحلو له أن يدعوه (حمارى) بانه لا يستحق أن يأكل حتى الشعير بل الرفش، وكان كلما ازداد في عمره ازداد في صومه، مداوماً على الصلاة بلا ملل، مع ترتيل المزامير ودراسة الكتاب المقدس دراسة تأملية، حافظاً له عن ظهر قلب.
وذات مرة داهمه اللصوص ودخلوا عليه مغارته، ووجدوه راكعاً يصلى، فقالوا له (ألا تخاف بأسنا وبطشنا؟) فأجابهم بهدوئه قائلًا (إن من لا يملك شيئاً لا يخاف بأساً) فقالوا له (سوف نقتلك) فرد بكل هدوء (إنى لا أخاف الموت لأني على الدوام مستعد له) فلما سمع اللصوص إجابة القديس المملؤة قوة وثبات، وأمتلاًوا تخشعاً وحيرة واندهاشاً، وذهلوا من ثباته وإيمانه، وأخبروه كيف أنهم ظلوا طوال الليل يبحثون عنه في كل مكان دون جدوى إذ لم يتمكنوا من رؤيته، ثم انصرفوا عنه بعد أن وهدوه بأن يغيروا سيرتهم ويرجعوا إلى الله... وهكذا ظهرت القداسة والسيرة الصالحة والثبات خير مؤنب للخطاة وقطاع الطرق وأفضل حافز لتوبتهم. | |
|
| |
النهيسى عضو مميز
المساهمات : 412 نقاط : 620 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 08/06/2014
| موضوع: رد: القديس إيلاريون الكبير، أب رهبان فلسطين الإثنين يونيو 09, 2014 12:57 am | |
| جهاده وذيوع صيته
عندما تقدم إيلاريون في القامة النسكية، أثار عليه عدو الخير حرباً قاسية جداً، بإثارة الخيالات الدنسة والتصورات النجسة، بل كثيراً ما تراءى له في صور نسائية.
وإذ وجد الشيطان أنه قد فشل في ذلك لجأ إلى محاربته بالأشياء المخيفة، فكان يظهر له في شكل جمهور من الجنود المسلحين ينوون الهجوم عليه بغضب شديد، ولكنه كان إزاء كل هذا يتسلح بعلامة الغلبة والنصرة.
وبقى القديس إيلاريون في هذه البرية حوالي 22 سنة، إذ كان الله يعمده ليكون مرشداً لكثيرين وليهدى الخطاة إلى التربة، وليحمل العديدين على اتباع طريق الكمال.
وقبل الكثير من الوثنيين الإيمان المسيحي متأثرين من مثاله الإنجيل الحى، ومن أقواله المنيرة المملؤة حكمة ورغب العديد من المترددين عليه في اتباع سيرته واقتفاء أثاره، فتتلمذوا له تاركين كل ما لهم من مقتنيات هذا العالم مستجيبين لنداء هذه الدعوة الرهبانية. | |
|
| |
النهيسى عضو مميز
المساهمات : 412 نقاط : 620 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 08/06/2014
| موضوع: رد: القديس إيلاريون الكبير، أب رهبان فلسطين الإثنين يونيو 09, 2014 12:59 am | |
| معجزاته
اراد الله أن يظهر برد للناس، فبدأ يشرفه بالعجائب، وإذ بإمرأة عاقر لم تلد لزوجها لمدة خمسة عشر عاماً، حتى صارت مبغوضة منه، هذه أتت إلى القديس بإلهام إلهى، وانطرحت عند قدميه باكية متوسلة أن يصلى من أجلها أمام الرب فتحنن القديس عليها وقال لها (ثقى في الله يا إمرأة فهو يعطيك سؤال قلبك) وإذ بها في العالم التالى تأتى إليه حاملة على ذراعيها طفلاً منحها الله إياه وكان ذلك بداية لشهرته.
وصنع القديس إيلاريون أيات كثيرة بأسم المسيح واستجاب الله لصلواته المقبولة فنزل المطر وانقضى القحط، واخرج الأرواح النجسة التي كانت تقول: (ما لى ولك يا إيلاريون عبد الله).
ويذكر القديس جيروم أن تنيناً عظيما كان يقتل الناس والبهائم حتى هدد الحياة فأشفق القديس عليهم، وجمع خشباً وأشعل فيه النيران بالقرب من موضع ذلك التنين، وتوجه إليه يأمره باسم السيد المسيح أن يصعد فوق ذلك الخشب المشتعل، وفعلاً بقوة إلهية صعد ذلك التنين واحترق وصار رماداً.
وفى قبرص كان صاحب الأرض المحيطة بمغارته الشاهقة رجلاً مقعداً، فباركه إيلاريون وقال له (باسم يسوع المسيح قم وامشي) فقام ومشى ومجد الجميع الله.
وأيضاً في مدينة بافوس بقبرص عندما وصل إليها القديس أخذت الأرواح النجسة تصرخ على أفواه الذين كانت تسكن فيهم قائلة (هوذا إيلاريون عبد المسيح حي قد حضر إلى قبرص، وكان يلزم أن نمضى من هنا) وبدأ المعذبون بالأرواح يتقاطرون إليه ليشفوا.
ويروى الكاتب الفرنسي شينو أن سيدة أصيبت بداء شديد في عينيها، مما افقدها البصر، وإذ أنفقت كل ما تملك على الأطباء والعلاج، ذهبت إليه أخيراً تسأله أن يصلى لأجلها، فأمرها أن توزع مالها على الفقراء بدلاً من الأطباء ليتحنن عليها الطبيب الحقيقي ويشفيها فشفيت بصلواته وتمجد به وفيه اسم إلهنا.
بينما كان ألبيدوس، وهو رجل مقتدر وذو سطوة راجعاً من مصر إلى غزة، عقب زيارته للقديس الأنبا أنطونيوس الكبير، هو وامرأته وأولاده الثلاثة... حدث أن أولاده الثلاثة أصيبوا بمرض جعلهم على حافة الموت.
فذهبت الأم تفتش في البرية عن موضع القديس إيلاريون وقالت له (يا إيلاريون عبد المسيح الحي، اعد إلى أولادي، فعندما كنت في مصر حفظهم لى القديس أنطونيوس سالمين، وأنت هنا تحفظهم سالمين).
فذهب القديس وصلى من أجل أولادها، فشفاهم الله بصلواته، ونهضوا وقبلوا يده وأكلوا وبدأ الجميع يسبحون الله ويمجدونه، وهكذا كما قيل في سفر الرؤيا (ويعرفون إنني أنا أحببتك) (رؤ3: 9).
وأتى إليه كثرين يطلبون الشفاء، فكانوا لا يرجعون إلا أصحاب، كما أعطاه الله أيضاً موهبة إخراج الشياطين، المر الذي ساعد ربح الكثير من الوثنيين في مدينة غزة.
إن طلبة البار تقتدر كثيراً في فعلها، لذا خصه الله بموهبة صنع العجائب، فأخذ المؤمنون يتوافدون عليه لنوال بركته والاسترشاد بتعاليمه، وعاد كثير من الساكنين في دروب الخطية إلى التوبة، ونال كثيرون من المرضى والسقماء نعمة الشفاء بقوة صلواته المستجابة. | |
|
| |
النهيسى عضو مميز
المساهمات : 412 نقاط : 620 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 08/06/2014
| موضوع: رد: القديس إيلاريون الكبير، أب رهبان فلسطين الإثنين يونيو 09, 2014 1:01 am | |
| القديس إيلاريون أب الرهبان (انطونيوس الشام)
ومنذ ذلك الحين بدأ الانتشار الفعلى لنموذج الحياة النسكية والرهبانية في بلاد فلسطين وسوريا وبدأ الكثير من المعجبين بالسيرة الملائكية في الالتفاف حوله والتلمذة على يديه، إذ لم يكن قد سبق لأحد في هذه البلاد أن رأى هذا النمط من الحياة.
ويقول جيروم أن الشرق عرف بذلك كوكبين مشرقين بالقداسة وسمو الفضائل، أحدهما في مصر وهو الانبا أنطونيوس الكبير، والثانى في برية الشام وهو الأنبا إيلاريون، الذي كان القديس انطونيوس يقول عنه لمن يأتى إليه من هناك (لماذا تكبدتم مشقات الطريق وعندكم ابنى إيلاريون الذي يمكنكم أن تنالوا منه ما تطلبونه منى).
وجذبت شهرة القديس إيلاريون جموعاً من المسيحيين، سواء من طالبي الشفاء أو من طالبي الرهبنة، الراغبين في الحياة النسكية.
وتكاثر عدد الرهبان تحت قيادته وتدبيره، فبنى لهم الأديرة ودبت الحياة الرهبانية في برارى فلسطين، غرباً نحو البحر وشرق حو الأردن وتعمدت وكان الجميع يعتبرون القديس إيلاريون أنه الأب المدبر والمرشد لكل رهبان فلسطين، وأخذ القديس لإيلاريون يطرف كل سنة على هذه الأديرة، يرشد وهبانها وبثبتهم في الدعوة التي دعاهم المسيح إليها.
وبينما كان ذاهباً ذات يوم بصحبة بعض رهبانه لزيارة أحد الأديرة التي أنشاها بالقرب من مدينة اليوسا (خلوصا)، والتي كانت تقع بأرض الأدوميين، كان الوثنيون قد اجتمعوا ليقربون ذبيحة للآلهة في عيدها السنوي.
وحالما سمعوا بقدومه، خرجوا جميعاً ومعهم كاهنهم لاستقباله وهم يحنون رؤوسهم، ويقولون باللغة العربية (باركنا، باركنا) وكان القديس يتقن العربية والأرامية، . ولما رأهم مقبلين عليه بابتهاج وسرور، رفع نظره إلى فرق نحو السماء يطلب المعونة الروحية، وطلب من أجل شفائهم باكياً إلى الرب كى يخلصهم... وكلمهم بكلمة الحياة مبيناً ضلالة عبادة الأوثان، كارزنا لهم ببشارة الفرح الأبدى.
فأمنوا بإنجيل ابن الله، وحطموا الأوثان، وبنوا في وضعها كنيسة (فى خلوصا جنوب بئر سبع) ومكث معهم بعض الوقت يعلمهم مبادئ الإيمان وما يلزم لخلاصهم وحياتهم. | |
|
| |
النهيسى عضو مميز
المساهمات : 412 نقاط : 620 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 08/06/2014
| موضوع: رد: القديس إيلاريون الكبير، أب رهبان فلسطين الإثنين يونيو 09, 2014 1:02 am | |
| تنقلاته لأجل حياة الوحدة
ازدادت على القديس مسئوليه الرهبان، وتكاثر عدد الزوار باطراد، فلم يعد ينعم بالوقت الكافى لصلواته وتأملاته، ففكر أن يهرب إلى برية أخرى بعيداً عن المشغوليات، مفضلاً الهدوء، فلما علم بعض أولاده بما نوى عليه ارادوا أم يثنوه عن عزمه بتوسل، ولكن القديس لم يقبل وقال لهم: (إننى رجعت إلى العالم ثانية، وها قد نلت أجرى في حياتي بسبب تكريم الناس لى فهم يظنون اننى ذو نفع لهم).
وسرعان ما توافدت الجموع حتى بلغت حوالى عشر ألاف شخص ليثنوه عن عزمه، طالبين ببكاء ألا يفارقهم، أما هو فقد صمم على الرحيل، وصام سبعة أيام متتالية لا يأكل ولا يشرب وإذ رأوا شدة تصميمه وخشوا على حياته، أخلوا سبيله ورافقوه حتى انطلق إلى برية بعيدة.
ثم توجه إلى دير القديس أنطونيوس الكبير، وكان ذلك بعد نياحته بحوالى سنة واحدة، كما ذكرنا أيضاً هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. ومن هناك رحل إلى منطقة أفروديتة بالقرب من الشاطئ الشرقى للنيل، ومكث هناك بعض الوقت يمارس جهاده النسكي بنشاط عظيم، وقيل أنه مكث هناك مدة.
ولكن إذ خبر وصوله ينتشر، وأعمال الله تظهر فيه وبه، وأصبح مكرماً عند الشعب، فر هارباً إلى الإسكندرية، وهناك ثار عليه الأمبراطور يوليانوس الجاحد بسبب إيمان جموع كثيرة من الوثنيين، فمضى القديس من هناك وسكن في الواحات الداخلية مدة حوالى سنة ولكنه إذ صار هناك أيضاً مكرماً عزم على أن ينفرد في إحدى الجزر، وسافر مع تلميذ له بدعى زانانوس نحو سنة 363 م. إلى جزيرة صقلية، حيث اختلى بها بعض الوقت في برية مقفرة، ولما انتشر صيته، سافر من هناك إلى دلماسيا ولكنه ما لبث أن هرب مرة أخرى إلى جزيرة قبرص مع تلميذه هيزيكيوس.
فاح عبير قداسته في كل البقاع، عندما شفى الأوجاع النفسية والعلل الروحية والأمراض الجسدية، واقبل عليه الأساقفة والكهنة راغبين في نوال بركته وارشاداته.
فأفاض الله عليه غنى نعمته وقوة وملاه بتعزياته وأيده ببرهان الروح والقوة، فبارك المترددين باسم ربنا ومخلصنا وملكنا يسوع المسيح، ممارساً النسك والعبادة إلى النفس الأخير وإلى يوم نياحته. | |
|
| |
النهيسى عضو مميز
المساهمات : 412 نقاط : 620 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 08/06/2014
| موضوع: رد: القديس إيلاريون الكبير، أب رهبان فلسطين الإثنين يونيو 09, 2014 1:03 am | |
| تعاليم القديس وإرشاداته
كان القديس يركز في تعاليمه لتلاميذه على الهدف المستقيم، فبدون هدف حقيقي يصعب أن يكون للصلاة حرارة وقوة، إذ أن الهدف يستطيع أن يحفظ الدافع من الانحراف، وكان القديس يطعم تعاليمه بأمثلة حية الترسخ هذه التعاليم في ذهن مستمعيه وليستمدوا منها عبرة ودرساً في ميزة جهادهم. والتدليل على ذلك، نورد هنا وهذا الحديث للقديس إيلاريون:
سئل القديس إيلاريون رئيس رهبنة فلسطين عن تعليل رجوع بعض الأخوة إلى العالم بعد أن يكونوا قد ساروا في الحياة الرهبانية، وكيف يتحاشى الإنسان المجاهد التأثر بهم؟ فقال لهم: (إنه يليق بنا أن نأخذ مثلًا لذلك من كلاب الصيد التي تنطلق وراء الأرانب البرية، فأنه يحدث أن أحد الكلاب يلحظ أرنباً بعيداً فينطلق وراءه، وإذ ترى الكلاب الأخرى التي معه أنه يجرى فإنها تنطلق تجرى معه – دون أن تكون قد رأت الأرانب- فتظل تجرى معه ولكن إلى فترة ما، حتى يثنيها التعب والجهد عن تكميل مشواره الطويل، أما هو فيستميت في تقدمه لا يعطى لنفسه راحة ولا يجرى حتى يفوز بما كان يراه غير عابئ لا بالعثرات التي تصادفه في طريقه، هكذا الإنسان الذي يتبع محبة المسيح، ينبغي عليه أن يثبت نظره على الصليب إلى أن يفوز بالمصلوب الذي صلب عليه، حتى ولو رأى الكل قد تخلفوا ورجعوا إلى الوراء). | |
|
| |
النهيسى عضو مميز
المساهمات : 412 نقاط : 620 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 08/06/2014
| موضوع: رد: القديس إيلاريون الكبير، أب رهبان فلسطين الإثنين يونيو 09, 2014 1:05 am | |
| نياحته ونقل جسده نياحته
مكث القديس إيلاريون بمغارته بقبرص والتي كانت على صخرة، زهاء خمس سنوات، حتى بلغ الثمانين من عمره فاعترته حمى شديدة، وعرف بالروح أن وقت إنطلاقه قد حان وكان يشدد نفسه ويردد بإيمان هذه الصلاة (اخرجى أيتها النفس للقاء العريس، لماذا تخافينه بعد أن خدنته هذه السنين الطويلة؟).
وكتب بيده خطاباً إلى تلميذه هيزيكيوس الذي كان وقتذاك في جولة تفقديه لأديرة فلسطين، تاركاً له ثوبه والإنجيل المقدس والاسكيم الجلد الذي كان يلبسه والذي كان الأنبا انطونيوس الكبير قد أعطاه اياه، وهذا هو كل ما كان يملكه.
فلما علم أهل جزيرة قبرص بخبر نياحته اقبلوا مسرعين لنوال بركة جسده الطاهر، ودفنوه عندهم وبقى تلميذه عشرة أشهر متنسكاً في هذا الموضع الذي دفن فيه معلمه. نقل جسده
عزم هيزيكيوس تلميذه ورفيق غربته على نقل رفاته إلى بلاده فلسطين، ولما كان يعلم مدى محبة سكان جزيرة قبرص ورغبتهم في الاحتفاظ بجسده، حمل الجسد سراً وأبحر به إلى بلاد فلسطين، حيث أودعه ديره الأول في (ماجوما) فاستقبله الرهبان بحفاوة وإكرام في ديره القديم، وأجرى الرب من جسده عجائب باهرة، فتحقق القول الإلهى (إنى أكرم الذين يكرموننى) (1صم 2: 30). | |
|
| |
النهيسى عضو مميز
المساهمات : 412 نقاط : 620 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 08/06/2014
| موضوع: رد: القديس إيلاريون الكبير، أب رهبان فلسطين الإثنين يونيو 09, 2014 1:06 am | |
| شهادة التاريخ له وتكريمه
يشهد المؤرخ جيروم أنه أول من سلك في طريق الرهبنة في بلاد الشام وفلسطين، فإذا كان القديس مكاريوس الكبير هو الذي خلف القديس أنطونيوس في رهبنة برية شيهيت، فإن إيلاريون هو خليفته في بلاد فلسطين والشام، وقد قدر عدد الذين تتلمذوا له من المتوحدين بحوالي أربعة ألاف متوحد، إذ أنه المؤسس الحقيقي لرهبنة غزة وفلسطين وسوريا.
ويشهد جيروم -كاتب سيرته- أن البعض يتعجبون من نسك هذا القديس وتدبيره، والبعض الآخر تدهشه الآيات والعجائب بحكمته، وآخرون يتكلمون عن فضائله... كان يأتي إليه عدد غفير من الشعب بكافة طبقاته من علمانيين وإكليروس بكل رتبهم، ومن عاملة الشعب ومن القضاء والولاة والمتقدمين... كان يجتهد في أن يخفى ذاته تاركاً موضعه، مسافراً من الشرق إلى الغرب، باحثاً عن خلاص نفسه محتقراً الأباطيل والمجد الباطل. تكريمه
تحتفل به كنيستنا القبطية في اليوم الرابع والعشرين من شهر بابه، وتحتفل به الكنيسة اليونانية والرومانية في ذكرى نياحته في اليوم الواحد والعشرين من شهر تشرين الأول (أكتوبر).
بركة صلاته تكون معنا آمين. | |
|
| |
Coptic girl Admin
المساهمات : 3464 نقاط : 8143 السٌّمعَة : 3 تاريخ التسجيل : 06/08/2012
| موضوع: رد: القديس إيلاريون الكبير، أب رهبان فلسطين الإثنين يونيو 09, 2014 7:50 am | |
| | |
|
| |
| القديس إيلاريون الكبير، أب رهبان فلسطين | |
|