التجارب تأتى ولا تؤذى
البابا شنوده الثالث
إلهنا الحنون لا يمنع الحوت من أن يبلغ يونان النبي. وفي نفس الوقت لا يسمح له بإيذائه. ويخرج يونان من بطن الحوت سليما، لكى يؤدى رسالته. وتحمل قصته لنا درسًا ورمزًا..
لقد سمح الله لشاول الملك أن يطارد داود. وفي نفس القوت لم يتخل الله عن داود، ولم يسمح لشاول بإيذائه..
أنه يسمح بالضيقة، ولكن بشرط أن يقف معنا فيها.
وهكذا يغنى المرتل في المزمور "لولا أن الرب كان معنا، حين قام الناس علينا، لابتلعونا ونحن أحياء عند سخط غضبهم علينا.. مبارك الرب الذي لم يسلمنا فريسة لأسنانهم، نجت أنفسنا مثل العصفور من فخ الصيادين. الفخ انكسر ونحن نجونا" (مز 124).
إنه اختبار روحي جميل، أن نرى الله في التجارب.. نراه معنا وبقوة...
وربما لولا التجارب ما كنا نراه هكذا.. وهذه هي إحدى فوائد التجارب العديدة. العمق الروحي للتجارب، هو أنه لا يجوز لنا أن نراها، بدون أن نرى الله فيها...
فالله قد يسمح لقوى الشر أن تقوم علينا وتحمينا ونحن نغنى مع أليشع النبي الذي إجتاز نفس التجربة نقول: "إن الذين معنا أكثر من الذين علينا" (2 مل 6: 16)، ويقول الرب لكل واحد منا "لا تخشى من خوف الليل، ولا من سهم يطير في النهار.. يسقط عن يسارك ألوف، وعن يمينك ربوات. وأما أنت فلا يقتربون إليك" (مز 91: 5، 7)
من أجل هذا كله أقول:
إن المؤمن لا يمكن أن تتعبه التجربة أو الضيقات...
ذلك لأنه يؤمن بعمل الله وحفظه. ويؤمن أن الله يهتم به أثناء التجربة، أكثر من اهتمامه هو بنفسه.
إنه يؤمن بقوة الله الذي يتدخل في المشكلة. ويؤمن أن حكمة الله لديها حلول كثيرة، مهما بدت الأمور معقدة. لذلك فالمؤمن لا يفقد سلامه الداخلى مطلقًا أثناء التجربة، ولا يفقد بشاشته بل يتذكر في ثقة كبيرة قول الرسول "أحسبوه كل فرح يا أخوتى، حينما تقعون في تجارب متنوعة" (يع 1: 2).
إن كل تجربة هي بر شك خبرة روحية جديدة يتمتع بها الإنسان، وتعمق مفاهيمه الروحية. وفيها يرى الله كيف يتدخل وكيف يعمل.. ويجمل بنا الآن أن نضع ثلاثة شروط للتجارب التي يسمح بها الله.