من سنة 307 م استشهد القديس العظيم في الشهداء مار جاؤرجيوس . وقد ولد
بالقبادوقية من أب أسمه أنسطاسيوس وأم تدعي ثاؤبستا . ولما صار ابن عشرين
سنة مات والده . فذهب إلى دقلديانوس ليتقلد وظيفة والده فوجد أن الملك قد
كفر وأمر بعبادة الأصنام فحزن وفرق كل ماله وأعطاه للمساكين وصرف غلمانه
وتقدم إلى الملك معترفا بالسيد المسيح له المجد وكان ذلك بعد أن رأي
منشورات الإمبراطور فصرخ في وسطهم قائلا " إلى متي تصبون غضبكم علي
المسيحيين الأبرار وتكرهون الذين عرفوا الإيمان الحقيقي علي أن يتبعوا
الديانة التي أنتم في شك منه لأنه غير حقيقية ؟ فأما أن تؤمنوا بهذه
الديانة الحقيقية أو علي الأقل لا تقلقوا بحماقة أولئك المتمسكين بها .
فأشار الملك إلى مفنانيوس ، أحد وزرائه لتهدئته فقال له : " من علمك هذه
الجرأة " فأجابه : " هو الحق " ثم بدأ يشرحه له ، فتدخل الملك وأخذ يذكره
بالرتب التي أنعم بها عليه ويعده بالمزيد منها إذا جحد مسيحه فرفض بآباء
هذه العروض الزائلة ولم يلتفت إليها فعذبه كثيرا وكان الرب يقويه ويشفي
جميع جراحاته . ولما حار الملك في تعذيبه أستحضر ساحرا أسمه أثناسيوس وهذا
أحضر كأسا ملأنا وتلا عليه من أقواله السحرية ، وقدمه للقديس فشربه بعد أن
رسم عليه علامة الصليب ، فلم ينله آذى ، مما جعل أن الساحر نفسه يؤمن
بالسيد المسيح ، ونال إكليل الشهادة فاغتاظ الملك وأمر بعصر جاؤرجيوس حتى
يسلم الروح فطرحوه خارج المدينة ولكن السيد المسيح أقامه حيا وعاد هذا
الشهيد إلى المدينة فرآه الجميع وآمن بسببه في تلك اللحظة ثلاثة آلاف
وسبعمائة نفس . فأمر دقلديانوس بقطع رؤوسهم جميعا فنالوا إكليل الشهادة .
وكان بحضرة دقلديانوس بعض من الملوك فقالوا للقديس " نريد أن تجعل هذه
الكراسي تورق وتثمر " . فصلي القديس إلى السيد المسيح فاستجاب طلبه . وأخذه
مرة إلى مقبرة وطلبوا إليه أن يقيم من بها من الموتى ، فصلي إلى السيد
المسيح فأقامهم الرب وبعد أن تحدثوا إليهم عادوا فرقدوا . وقدمت له امرأة
فقيرة ابنها وكان أعمي وأصم وأخرس فصلي إلى السيد المسيح ورشم الطفل بعلامة
الصليب فشفي من جميع أمراضه . وكان دقلديانوس مستمرا في تعذيبه فلما تعب
من ذلك ومل صار يلاطفه ، ويعده أن يزوجه من أبنته إذا بخر للآلهة فخادعه ،
جاؤرجيوس وأوهمه أنه قبل ذلك ففرح وأدخله إلى قصره وبينما كان يصلي سمعته
الملكة وهو يقرأ المزامير فطلبت إليه أن يشرح ما كان يقوله . فبدأ يفسر لها
كل الأمور من أول خلقة العالم إلى تجسد السيد المسيح فدخل كلامه في قلبها
وآمنت بالمسيح له المجد . وكان الملك قد أمر أن ينادوا في المدينة باجتماع
الناس ليروا جاؤرجيوس يبخر لآلهة الملك , فلما اجتمع جمع كبير عند الأصنام
وقف جاؤرجيوس وصرخ في الأصنام باسم الرب يسوع مخلص العالم . ففتحت الأرض
فاها وابتلعت جميع الأصنام فخزي الملك ومن معه ودخل حزينا إلى قصره فقالت
له الملكة : ألم أقل لك " لا تعاند الجليليين لان إلههم قوي ؟ " فعلم أن
جاؤرجيوس قد أمالها هي الأخرى إلى أيمانه ودفعه الغيظ إلى أن أمر بتمشيط
جسمها وقطع رأسها فنالت إكليل الشهادة . وأخيرا رأي دقلديانوس أن يضع حدا
لتلك الفضائح التي تلحقه فقرر قطع رأس القديس جاؤرجيوس فنال إكليل الشهادة
وأخذ أحد المسيحيين جسده ولفه في أكفان فاخرة ومضي به إلى بلده وبنوا علي
اسمه كنيسة عظيمة شفاعته تكون معنا ولربنا المجد دائما . آمين
(7 هاتور)
في
مثل هذا اليوم تذكار تكريس كنيسة القديس الجليل والشهيد العظيم جاؤرجيوس
الكبير بمدينة اللد . وما اجري الله فيها من العجائب الباهرة والآيات
الشائعة في البر والبحر . حتى إن الملك دقلديانوس لما سمع بصيتها أرسل
اوهيوس رئيس جنده ومعه بعض الجند لهدمها . فتقدم هذا بكبرياء إلى حيث
أيقونة القديس جاؤرجيوس ، وبدا يستهزئ بالنصارى وبالقديس . وكان بيده قضيب ،
ضرب به القنديل الذي أمام صورة القديس فكسره ، فسقطت منه شظية علي رأسه
فغشيته رعدة وخوف وسقط طريحا علي الأرض . فحمله الجند ومضوا به إلى بلادهم
وقد علموا إن هذا نتيجة سخريته بهذا الشهيد العظيم . ومات اوهيوس في الطريق
ذليلا فطرحوه في البحر . ولما علم الملك دقلديانوس بذلك غضب ، وعزم إن
يمضي هو إلى هذه الكنيسة ويهدمها . ولكن الرب لم يمهله حتى يتمم ما كان قد
عقد العزم عليه . فضربه بالعمي . وأثار عليه أهل المملكة وانتزعها منه .
وأقام بعده قسطنطين الملك البار . فاغلق البرابي ، وفتح أبواب الكنائس
وابتهجت المسكونة والكنائس ، وخاصة كنيسة الشهيد العظيم كوكب الصبح القديس
جاؤرجيوس. شفاعته تكون معنا آمين .
(16 أبيب)
في مثل
هذا اليوم كان وصول أعضاء الشهيد العظيم جاؤرجيوس إلى كنيسته بمصر القديمة
وذلك أن راهبا اسمه القمص مرقس كان رئيسا علي دير القلمون ، وكان يتردد علي
البلاد لافتقاد المسيحيين كل سنة فاتفق له أن بات ليلة حسب عادته عند رجل
عربي ، فرأي القديس جاؤرجيوس في رؤيا يقول له : " خذ جسدي من المرأة التي
تأتيك به غدا وضعه في كنيستي التي بمصر القديمة " ولما كان الغد أتته امرأة
وأعلمته أن لديها صندوقا كان أحضره ولدها قبل موته من كنيسة القديس
جاؤرجيوس بفلسطين فتحققت رؤياه ومضي معها وشاهد الصندوق . ثم ذهب إلى
البابا البطريرك الأنبا غبريال الثامن الثمانين وأخبره بأمره فقام لوقته
ومعه الكهنة وبعض الشعب إلى حيث الصندوق وبعد أن تباركوا من الأعضاء
المقدسة وأعطوا المرأة بعض المال حملوا الصندوق باحتفال عظيم وأتوا به إلى
كنيسة القديس بمصر القديمة وظهرت منه آيات كثيرة . صلاته تكون معنا .
ولربنا المجد دائما . آمين
(3 بؤونة)
في مثل هذا اليوم
بنيت أول كنيسة علي اسم الشهيد العظيم مار جورجيوس بالديار المصرية ببلدة
بئر ماء بالواحات كما كرست باسمه في مثل هذا اليوم أيضا كنيسة في بلدة برما
مركز طنطا ، وذلك أنه بعد هلاك دقلديانوس وملك الملك البار قسطنطين هدمت
هياكل الأوثان وبنيت الكنائس علي أسماء الشهداء الأبطال الذين جادوا
بدمائهم في الدفاع عن الأيمان . وكان بالديار المصرية قوم من الجنود
المسيحيين وهبوا جزءا من الأرض المقامة عليها برما الآن ، وكان من بينهم
شاب تقي وديع يقيم بقطعة منها مع بعض المزارعين وكان بتلك الجهة بئر للشرب
فسمع هذا الشاب بعجائب العظيم في الشهداء جورجيوس فسعي حتى حصل علي سيرته
وكتبها وصار بتعزي بقراءتها بغير ملل وحدث في ليلة اليوم الرابع والعشرين
من شهر بشنس وهو قائم يصلي أن رأي جماعة من القديسين وقد نزلوا بجوار هذه
البئر يسبحون الله ويرتلون بأصوات ملائكية وهم محاطون بنور سماوي فاستولت
عليه الدهشة . وعندئذ تقدم إليه واحد منهم في زي جندي وعرفه أنه جورجيوس
الذي استشهد علي يد دقلديانوس وأمره أن يبني له كنيسة في هذا الموضع لان
هذه مشيئة الرب ، ثم ارتفعت عنه الجماعة إلى السماء وهم يمجدون العلي وقضي
الشاب ليلته متيقظا حتى الصباح ومرت عليه عدة أيام وهو يفكر كيف يبني هذه
الكنيسة وهو لا يملك ما يقوم بنفقات جزء بسيط منها وفي إحدى الليالي وهو
واقف يصلي ظهر له الشهيد العظيم جورجيوس وحدد له مكان الكنيسة ثم أرشده إلى
مكان وقال له احفر هنا وستجد ما تبني به الكنيسة . ولما استيقظ في الصباح
ذهب إلى حيث أرشده الشهيد الجليل وحفر فوجد إناء مملوءا ذهبا وفضة فسبح
الله وعظم قديسة وبني الكنيسة ثم استدعي الأب البطريرك وكرسها في مثل هذا
اليوم وبنيت المنازل بجوار هذه الكنيسة وسميت هذه الجهة ( بئر ماء ) نسبة
إلى بئر الماء التي بنيت بجوارها الكنيسة ويجري الاحتفال بهذا التذكار
المجيد في هذه البلدة سنويا وهناك تظهر الآيات الباهرة من إخراج الشياطين
وشفاء المرضي بشفاعة هذا الشهيد العظيم . صلاته تكون معنا آمين . ونقلت
أعضاء القديس جورجيوس التي كانت محفوظة في بيعته من مدينة بئر ماء بالواحات
إلى دير أنبا صموئيل بمعرفة رهبانه وذلك في أيام الأب القديس متاؤس
البطريرك (87) ورئاسة الأب القس زكري ابن القمص والأب الراهب سليمان
القلموني ، وفي عهد رئاسة البابا غبريال البطريرك (88) نقلت أعضاء القديس
إلى الكنيسة المعروفة باسمه بمصر القديمة وكان ذلك في يوم 16 أبيب سنة 1240
ش ( 10 يوليه سنة 1524 م ) . صلاته وشفاعته تكون معنا ولربنا المجد الدائم
إلي الأبد آمين .