اكشف يارب لى ذاتك

اكشف لى ذاتك

لست انا يارب الذى اذهب اليك لانى لا اعرف طريقة الوصول جيدا عقلى قاصر وروحى حبيسة وانا ايضا مربوط الى الجسد وهناك اشياء كثيرة تعطلنى:منها شهواتى ورغباتى ... وانا ايضا يارب لانى احيانا اريد ان اتقرب اليك!!!!
ثم انى يارب مشغول عنك لدى اهتمامات كثيرة تعطلنى وانا من فرط شقاوتى وجهلى لا انزع عنى الاهتمامات الباطلة وانما ازيد عليها فى كل يوم شيئا جديدا ... فتعال انت يارب الى
اكشف لى ذاتى وافتقدنى كابن او كعبد انت يامن كلك محبة بل انت المحبة كلها
لست انا يارب الذى ابنى لك بيتا فى قلبى لتسكن فيه لانه"ان لم يبن الرب البيت فباطلا تعب البناؤون" ... من انا حتى ابنى لك هيكلا مقدسا يحل فيه روحك عندى؟ انت يارب تبنى اروشليم فتعال ولا تنتظرى اذ قد يطول انتظارك ولا اجىء...
ليس بجهدى يارب ولكن بمعونتك ليس بقوتى ولكن بنعمتك انا من ذاتى لا استطيع ان اعرف لكن انت تستطيع بمحبتك ان تكشف ذاتك لى
وانت لا تكشف لى ذاتك ان لم احبك ولكن كيف احبك ان لم تكشف لى ذاتك اكشف ذاتك لى حتى ينمو حبى لك
لانى كلما ارى فيك شيئا جديدا يزداد حبى لك بالاكثر وتتوطد علاقتى بك اذ كيف يمكن ان يحب الانسان بمحبة حقيقية كائنا ان لم يعرفه ولم يره ومعلوماته عنه غامضة ؟!
فاكشف لى ذاتك اذن لان هذا هو المصدر الوحيد الذى اعرفك به معرفة كاملة عن طريق الكتب بل معرفة الذى رأيناه بأعيننا ولمسناه بأيدينا....
اننى لا استطيع ان اعرفك معرفة كاملة عن طريق الكتب او عن طريق الناس الذين عرفوك اذ ان هؤلاء ايضا لا يستطيعون ان يعبروا عما رأوه فيك من صفات لا ينطق بها ولا يقوى لسان ان يتحدث عنها بل كل ما يستطيعونه انهم يشوقون السامع او القارىء بقولهم"تعال وانظر ما اطيب الرب" اما ان يوضحوا حقيقتك فليس بامكانهم !
ولكن ان كشفت لى ذاتك يارب فكيف استطيع ان ارى وجهك بينما بدون القداسة لا يعاين احد الرب؟! والقداسة امر ليس فى امكانى فقد كثر الذين يحزنوننى واعتزوا اكثر منى وانا ضعيف امامهم جميعا:امام العالم والجسد والشيطان وامام الرغبات والشهوات والافكار
كثيرا ما اسقط وكثيرا ما ازل والقداسة حلم اشتهيه ولكن اين لى به فهل معنى هذا اننى سوف لا اراك؟ اعطنى يارب نقاوة القلب التى بها ارى وجهك انضح على بزوفاك فاطهر اغسلنى فابيض اكتر من الثلج
من كتاب انطلاق الروح لقداسة البابا شنودة الثالث